2011/05/22

شغف وألم وسعادة..في عالم الأفكار


 
مؤخرا تبدوا لي اختياراتى العفوية ,هى مهنتى الاحترافية والشئ الأكيد نجاحه في حياتى , وتأكدت هذه الملاحظة في اخر اختيار صادفنى , حيث جاءت مشاركتى  في مؤتمر "TEDxCairo"   بإيعاز من صديقتى أمل , وبالفعل قدمت لحضوره وقبل طلبى وانطلقت فى الفجر من المنصورة للقاهرة..دون أن اعرف إجابة سؤال بسيط ومهم : ما الذى أتوقعه أو سأستفيده من المؤتمر؟ ومع هذا استيقظت باكرا متسلحة بالسندويتاشات والعصير وأشياء هلامية أخرى لاصمد أمام يوم بدءا من الخامسة فجرا وانتهى في الثامنة مساءا.

ليبدأ يوم طويل ..ممتع...مؤلم ..تحت شعار" أفكار تستحق الانتشار" نظمه مجموعة رائعة من الشباب في حرم الجامعة الأمريكية بالقاهرة الجديدة ..وقدمت  العفوية" ريم ماجد" علي مدار اليوم 21 مبدع ذي أفكار ومواهب متنوعة ,جاء اليوم بعيدا عن أجواء الندوات السياسية التى أدمنت حضورها مؤخرا, ليشحنى بالطاقة الايجابية والسعادة  لمدة لابأس بها ..ليؤكد لي أن مصر في حاجة لمليون مؤتمر ك "TEDxCairo" نعبر فيه عن مخاوفنا ,أحلامنا ,رؤيتنا للحياة والأهم أن نشتارك فيها جميعا ..نصفق ونبكى ونضحك سويا .


وفي ملعب الأفكار ..جاءت أكثر من فكرة تتناول العلاقة بين مسيحى ومسلمى مصر "القبط" كما قال فاضل سليمان وريم ماجد -حين أكدت علي أنها تعرف نفسها "قبطية " ولا شئ اخر-, بالاضافة إلي قصة بيتر وصديقه المسلم علي الذي قدمها الرائع "مينا شنوده" صاحب كتاب "استجمتيزما في المخ " , والتى كادت قصته تعصر قلوبنا ألما عندما أدركنا أن بيتر كان يعانى من فصام في الشخصية وصديقه "علي" من وحى خياله , ثم جاءت كلمات السيد سليمان لتؤكد علي أنه وفقا لتحليل مكونات الهوية المصرية فنحن القبط مشتركين في 80% منها وهو أمر غير موجود في الولايات المتحدة التي تتعدد فيها الاجناس والاعراق والديانات واللغات ومع هذا تحقق مستوى عالى من الانسجام مكنها من العيش والتقدم ..فكان السؤال لماذا نعتقد بأننا غرباء   بالرغم من أننا شركاء؟!


وتحت عنوان "الحياة تستحق أن نعيشها" روت" ندى شاتيلا "رحلتها مع مرضها المفاجئ باللوكيميا وهى في الثالثة والعشرين من عمرها , وكيف غيرت تجربه المرض -الممتدة عبر عشرسنوات -من شخصيتها وتحولت من حالة الغضب والعتاب مع الله بسبب المرض ووفاة والدها وطلاقها السريع من زواج أسطورى كما وصفته  إلي شخص مؤمن أكثر محب للحياة مدرك لقيمة وجوده فيها ,وقادر علي الحياة مع التجارب المؤلمة والخروج منها برؤية أنضج للحياة , وبعد أن روت لنا ندى تجربتها المبكية المفرحة ,وددت أن أحضنها ,وأتمنى أن لها تمام الشفاء بعد نجاتها  منه بنسبة 95 % , وفي عن تجربة المرض تحدثت طالبة الطب "ياسمين سيد" عن مرض الزهايمر وفكرتها في عمل مراكز لرعاية ومسانده أهالى المرضى الذي ينسى معه الانسان هويته..حكايتها لتجربة مريض الزهايمر مؤلمة جدا ولكن الأمل في إيجاد العلاج له لازال موجودا , كما تحدث الكاتب عصام يوسف صاحب الرواية الشهيرة " ربع جرام " عن الادمان وتجربته واهمية أن لا نعيش تجربة الانكار وندرك التغييرات التى يمكن أن تحدث لأقرب الناس إلينا وندرك أن الادمان مرض يمكن أن يطل أقرب الناس إلينا وليس مقصورا علي فئة معينة .


وعلي ملعب الحرية المفقودة والاعلام  الموجه ..تحدث كلا من المخرج المبدع "أحمد عبدالله" صاحب "هليبوليس " و"ميكرفون" والطبيب الجراح "باسم يوسف" مقدم برنامج النت الأول" باسم يوسف" , فكانت كلمات عبدالله عن فكره ان المتلقي صار الان مشارك في عملية الابداع بفضل الوسائل الاعلام الاجتماعية وانه لم يعد هناك طرف واحد مسيطر علي عملية الابداع , مما يتطلب أن يكون كلا من المتلقي والمبدع أخر انفتاحا في سماع الاخر والاستفادة من تجربته وبناء عليه سيكون فيلمه القادم عن " تويته تتكون من 140 حرف J" , أما باسم يوسف فقتلنا من الضحك كعادته  وهو يتحدث عن نظرية الملعقة والحقيقة المغلفة التى اعتادت أن تقدمها لنا وسائل الاعلام المصرية لسنوات طويلة اللهم إلا بعض الحالات النادرة ..حتى جاء باسم شو ليكون أول برنامج يصنعه المتلقى لينتقد المرسل بل وينافسه أيضا حيث وصل مشاهدته علي النت 8 مليون شخص كما أنه سيقدمه أيضا علي التليفزيون .ليبدأ عصر جديد هو "اعلام ما بعد الثورة" ليقول فيها المواطن كلمته بل يصنعها أيضا .


كان للتكنولوجيا والعلوم نصيب مهم في الأفكار التى قدمت , ومن أهما فكرة "محرك بحث ذكي لا يتعامل مع النصوص فقط كجوجل ولكنه يجيب عن الأسئلة وكأنه يفكر  وهو "Kngine Search" قدمه لنا  هيثم فاضل بطريقة جذابة ممتعة ...كما كان للموسيقى نصيب هى الأخر وسمعت أول اغنية مصرية بصوت اوبرالى ملائكى للجميلة فاطمة سيد التي قشعرت أبدانا بأدائها الساحر , كما كانت موسيقى الاسكندرانى العبقرى  "وائل سيد " فاصل اخر يشبع نفوسنا التعبة من هموم السياسة ...

كان هناك افكار اخر عن الرياضة والمرأة والاقتصاد والتكنولوجيا ..سأشارك فيديوهات علي صفحاتى عند رفعها علي موقع المؤتمر و في  النهاية اليوم جاء مميز حمل ضحكات كثيرة ودموع بعضها أفرجت عنه والآخر لازال حبيسا ..كان هناك أمل بالرغم من المرض والفشل والجهل والقيود ,فظهر في الأفق مع كل فكرة ..الروح الأصلية لسكان مصر الثوريين ...فالثورة كانت حلم..صار فكرة ...صار واقع ..فالأفكار تستحق الانتشار.

No comments:

Post a Comment