2012/12/01

لم ينجح أحد!



الأوراق تبعثرت واللاعبون حطموا قواعدهم المعهودة...والجمهور مشحون بعواطف أعمت البصر والبصيرة...أنت مع من وضد من ولا تقول لي لماذا؟ يكفي أن أحكم عليك دون سماع دافعك لنصرة فلان وعداء علان ...تحولت السياسة إلي فن الغرام والانتقام بدل من فن الممكن..في وسط هذه الأفكار المبعثرة التي شحذت قواها ضد أعصابي منذ شخذت المعارضة قواه للنزول الثلاثاء الماضي بعد الإعلان الدستوري لمرسي، تسيطر علي فكرة أننا نشارك كشعب ومعارضة ونظام في إعادة إنتاج فيلم ردئ الصنع "أفلام تجارية" بحبكة الرقاصة والخناقة ومشهد جنسي ساخن، لا إبداع من نظام"الإخوان"، ولا تجديد من المعارضة.

في مثل هذا الوقت العام الماضي مع بداية فصل شتاء 2011، أتذكر وجودي خلال أحداث حملت في نفسي ذكريات محفورة، "اشتباكات محمد محمود" ، "خطاب المشير طنطاوي أسمعه علي تاكسي سيارة مع مئات المتظاهرين"، "قنابل ...موت ...هتاف"، "لجان انتخابية...وطوابير ناخبين"، "فوز الإسلاميين"، "برلمان"...وانتقل معي إلي بداية شتاء 2012 "اشتباكات محمد محمود"، "خطاب مرسي"، "اعتصام تحرير"، "استفتاء علي الدستور" ...."اقرار الدستور بعد اعتصام الرافضين في التحرير وحشد المؤيدين للجان الانتخابية".

استفتاء الدستور

لم أشارك في مظاهرات الثلاثاء الماضي، بالرغم من رفضي للإعلان الدستوري، لأول مرة أجدني أن يقيني بجدوي استمرار شعلة الثورة في التحرير، يذهب ليحل مكانه حالة من الغثيان بمشاركة رموز نظام سالف ثار التحرير عليها بالأمس لتدخل اليوم مع ثواره يدا بيدا، وصل المشهد السياسي في مصر إلي مرحلة من الرمادية، يصعبها معها اتخاذ موقف أو تقييم مواقف اللاعبين علي هذا المشهد، وهنا سأحاول أن أرسم الخطوط البيضاء والسوداء التي تحدد ملامح الخصم والحكم في المعركة المقبلة، الاستفتاء ...اللهم بلغت اللهم فاشهد.

النظام

لعب الدور الرئيسي في الأزمة الحالية، مرسي كرئيس بعد ثورة فشل في المهمة الرئيسية التي تطلبتها المرحلة، عقد مصالحة وطنية بعد استقطاب حاد ساهمت فيه جماعته منذ استفتاء مارس 2011، كثر حديثه عن أنه رئيس لكل المصريين، ولكن الأفعال ليست كالأقوال، تعمد إيهامنا بأنه يؤسس لنظام ديمقراطي يقوده رئيس متواضع، بداية من مجلس مستشارين بلا اختصاصات، ونائب بلا صلاحيات، وديوان مظالم بلا آليات، وفي النهاية مكتب الإرشاد يحكم يا عزيزي...وقع مرسي في الشرك الأكبر كرئيس، بأنه جاء للحكم بمشروع تمكين الجماعة علي غرار مشروع التوريث لسلفه، ولأن التمكين يبدأ بإقرار دستور يتفق مع مشروعهم الغير معلن، فالسلفيين أكثر وضوحا منهم في مطلبهم بدولة الخلافة وإقرار مفهومة للشريعة ...لذلك لعب الرئيس ضربة استباقية لإقرار دستور جماعتهم وحمايتها من الحل، قدم عسكري ليحمي الوزير في لعبة الشطرنج، إعلان دستوري سيلغيه لاحقا بإقرار الدستور، وبدل من جمع كل الأطراف لإقرار دستور يليق بشعب متنوع ومتجانس...أثبت الرئيس أنه رئيسا للجماعة، ولبعض المصريين.

المعارضة


الخطوط السوداء لا ترسم فقط ملامح النظام ورئيسه، فوجهك الأبيض الثائر زحفت إليه هذه الخطوط، عامان علي ثورة تركت لهم معترك السياسة، متخيلا أن الميدان سيظل للأبد حاضنا للجميع، حولت الرمز إلي سلعة زايد عليها الجميع، اعتقدنا أن الميدان سيكون الحل الجامع المانع الحاشد ضد أي قرار للنظام، ولم نتخيل أن يأت يوما تكون قندهار عنوانا لمليونية، ويوما آخر فلول الأمس يحملون علي الأعناق اليوم ضد قرارات مرسي.

فقد الميدان رمزيته التي جاءت مع اعتصام ال18 يوم، بأحداث عنف غير مبررة مثل تجدد الاشتباكات في ذكري شارع محمد محمود، لم ندين مجددي الاشتباكات وهم من المأجورين -وليس افتراءا  بل رأيت بعيني بلطجية يصنعون مولتوف أمامي منذ اليوم الأول للذكري-، فقدنا دعم شارع لا يفهم مبرر هذا الفعل الآن، كما نزل في مليونية الإخوان الآخيرة مواطنون يؤيدون مرسي لمجرد التأييد، نزل في مليونية الثلاثاء رافضون للإعلان الدستوري لمجرد الرفض يساءلهم المراسلون علي شاشة التليفزيون عن سبب رفضهم، لا تجد ردود أو أسباب.

الآن...أعلنها مرسي صراحته استفتاء علي الدستور في منتصف ديسمبر، وفي المقابل تعالت أصوات بعصيان مدني وآخر بالمقاطعة، تكرار لسيناريو البرلمان، وفي النهاية الفائز الإخوان، أفيقوا يرحمكم الله، لا تكرروا سيناريو أحداث محمد محمود والبرلمان مرة أخري، كما جاء برلمان إسلامي، سيوافقون علي دستور الإسلاميين، وحينها لن نطيق العيش في بلاد لم تعد كبلادنا....ابحثوا عن حل سياسي...الميدان لم يعد يتسع لمراهقات ثورية.


No comments:

Post a Comment