2014/01/12

10 خطوات تُبعدك عن قتل صاحب فكرة تسلقك جبل موسي



هناك أشياء فعلتها، لم أتخيل يوما أن أفعلها، لأنني ببساطة لم أتخيل نفسي أفعلها، أولهما كانت زيارتي إلي الضفة الغربية في فلسطين في شتاء 2012،  وثانيها كانت أن تتسلق الآنسة- -over weight تلا، ناهيك عن جبلا.

فإذا كانت ابن المدينة مثلي، أقصي مغامرة فعلتها في حياتك أن تركب الدودة في دريم بارك، واستمعت إلي نصيحة صديقتك المقربة بتسلق جبل موسي في رحلة ذهاب وعودة في أقل من 48 ساعة، ربما كل ما ستفكر فيه أثناء تجمد أطرافك، وتسارع نبضات قلبك، مصاحب بهاجس "مصرع صحفية ..سقطت زرع بصل من جبل موسي" خلال صعودك أو هبوطك، هو أي منهج انتقامي ستتبعه معها إذا عدت إلي مدينتك الملوثة –القاهرة-.

ولكن لأن "رؤية الجمال من خلال صورة، ليست كاختباره بث مباشر"، ربما هذا ما أنقذ صديقتي من التطبيق العملي لفيلم "أمير الانتقام" بسبب الألم الذي اختبرته كل حواسي وحملت بصماته كل أعضائي المتورمة.



وفيما نري الحياة في بلادنا من "خرم إبرة"، هناك براح يسعنا جميعا علي بعد حركة من أطراف أناملنا: طرق لم نمش فيها، وبحار لم نركبها، وجبال لم نتسلقها، وسماء لم نتأملها، وأشخاص حاملي معادن نفيسة في ذاوتهم لم نتلق بهم، هذا كان ما اختبرته علي بعد 300 خطوة من قمة جبل موسي.

ورغم أن ألمي كان أكثر من قدرتي علي الاستمتاع بالجمال المحيط بي علي سفح الجبل، وأقدامي تحملتني بالكاد في رحلة الهبوط وحدي علي مدار 3 ساعات وأنا ألعن اليوم الذي فكرت فيه أن أخوض هذه التجربة، إلا إن استيقظت هذا الصباح وأنا أقول لنفسي سأفعلها مجددا، لكي أكمل ما تبقي لي من 300 درجة من السلالم المؤدية إلي القمة، وربما المرة القادمة سأتسلق أعلي جبل في مصر "سانت كاترين"، والمرة التي تليها سأقفز من طائرة، والتي تليها سأغوص في أعماق البحر، والسبب أن الألم استقر، والحكمة من رحلة الأمس تجلت في اختباري قدرة كل ذرة في جسدي علي التحمل، وجلد روحي علي مواصلة السير في ظلام حالك، أملا في رؤية أول شعاع سيضرب الحياة في ربوع مصر.

لذا أنصحك إذا كنت تفكر في الهجرة، أو العودة إلي مضادات الاكتئاب، أو الاستكانة إلي نزهات سيتي ستارز، أن تخرج مع أصدقائك في رحلة يومين إلي طابا، وتسلق جبل موسي، أضمن لك أن التجربة ستجلي روحك من السحابة السوداء التي علقت بها في صراع المدينة، ستعانق السحاب، وتعود بروحك الأصلية، كما كانت في عالم الذر.

ولكي لا تقتل صاحب فكرة تسلقك جبل موسي، سأنصحك بما لم تنصحني به صديقتي:
1لا تذهب في رحلة مدتها يوم ونصف لمجرد أن تكلفتها 100جنيه، لكي تتسلق جبل بعد سفر من القاهرة إلي طابا يستمر لمدة 12 ساعة

2- احجز لنفسك في فندق في طابا 3 أيام، تقوم خلالها بتسلق الجبل، لكي لا تتحول الرحلة إلي تعذيب جسدي.

3- لا تتسلق الجبل إذا كان  وزنك زائدا، أو تعاني من أنيميا ونبضات قلبك تتسارع من أقل مجهود.

4- لا تتسلق الجبل، وأنت تعتقد أنك في نزهة للأزهر بارك، فأنت ستبدأ رحلة المشي علي الأقدام في الظلام عند الساعة 11 ليلا، لكي تستمع بشروق الشمس علي بعد يقرب من 1000 ميل من سطح الأرض.

5- الكوفية وغطاء الرأس و معطف ثقيل و قفاز الجلد وليس الصوف سيكونوا أصدقائك المخلصين في الرحلة، ولا ترتد القفاز إلي منتصف الرحلة، فقبل ذلك سيشعرك بحرارة شديدة.

5- الجوع لن تكون مشكلتك الأساسية أثناء التسلق، ولكن الشعور بالبرد، لذلك لا تثقل حقيبة ظهرك بالكثير من الأكل، واكتفي بشيكولاتة سنيكرز وبعد العصائر لمنحك الطاقة للحركة، واحتفظ بالأكل إلي سفح الجبل عندما تشدد البرودة، ويزداد معها الإحساس بالجوع.

6- لا تصاب بالذعر أنك وحدك علي الجبل، ولكن احصل لمجموعتك علي دليل سيناوي يرشدك إلي الطريق، وتستمع بحكاياته عن نوادر عمله.

7- لا تستمع إلي دليلك السيناوي عندما ينصحك بألا تكمل الطريق مع أول استراحة تمر بها، ويهبط عزيمتك عندما يشبهك بالسلحفاة مقارنة بسرعة زبائنه الأجانب، في حقيقة الأمر لن تكون أبطأ مني.

8- لا تنظر خلفك في الظلام، فكلما وجدت نفسك آخر المجموعة ستصيب روحك بخيبة أمل، ولكن انظر دائما إلي قمة الجبل، لتذكر نفسك بهدفك، وإذا أصابت روحك التعب، خذ نفسا عميقا، وانظر فوقك ستجد سجادة مضيئة بالنجوم، ستضئ روحك معها.

9- لا تضغط علي أحد لمواصلة السير، اضغط فقط علي نفسك، أنت أعلم بجسدك من غيرك.

10-  ارتد حذاء رياضي بكعب عالي لكي يصمد أمام الصخور في رحلة الصعود، وأمام الثلج الذائب علي  سلالم الجبل التي تزيد عن 700 درجة في رحلة الهبوط.

No comments:

Post a Comment